صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخبرنا الشيخ الجليل أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد أبو الحسين فاذشاه
قال أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني قراءة عليه
قال:
إسلام عدي بن حاتم
يكنى أبا طريف رضي الله عنه حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي البصري قال ثنا يحيى بن محمد بن
السكن قال ثنا إسحاق بن إدريس الأسواري قال ثنا سلمة بن علقمة المازني قال
ثنا داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن عدي بن حاتم قال: لما قدم النبي
صلى الله عليه وسلم المدينة وهاجر إليها جعل يبعث السرايا فلا يزال إبل
قوم قد أغارت عليها خيلة فلما رأيت ذلك قلت: والله لو خلقت أجمالاً من
إبلي، فكانت تكون قريباً، فوالله ما شعرت ذات يوم إذ راعي الإبل قد جاء
يعدو بعصاه، قلت: ويلك ما لك ? قال: أغير والله على النعوم، قلت: من أغار
عليها ? قال: خيل محمد، قلت لنفسي: هذا الذي كنت أحذر، فوثبت أرحل أجمالي
أنجو بأهلي، وكنت نصرانياً ولي عمة فدخلت، فقلت: ما ترى يصنع بها ? وحملت
إمرأتي، وجاءتني عمتي فقالت: يا عدي أما تتقي الله أن تنجو بإمرأتك وتدع
عمتك، فقلت: ما عسى أن يصنعوا بها، إمرأة قد خلى من سنها، فمضيت ولم ألتفت
إليها حتى وردت الشام، فانتهيت إلى قيصر وهو يومئذ بحمص، فقلت: إني رجل من
العرب وأنا على دينك، وأن هذا الرجل ليتناولنا، فكان المفر إليك، قال:
إذهب فانزل مكان كذا وكذا حتى نرى من رأيك، فذهبت فنزلت المكان الذي قال
لي، فكنت به حيناً، فبينا أنا ذات يوم إذا أنا بظعينة متوجهة إلينا حتى
انتهت إلى بيوتنا، فإذا هي عمتي، فقالت لي: يا عدي أما اتقيت الله أن تنجو
بإمرأتك وتركت عمتك، قلت: قد كان ذلك، فأخبرينا ما كان بعدنا ? قالت: إنكم
لما انطلقتم أتتنا الخيل فسبونا وذهب بي في السبي حتى انتهيت إلى المدينة،
وكنا في ناحية من المسجد فمر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند
القائلة وخلفه رجل يتبعه وهو علي بن أبي طالب، فأومأ إلى ذلك الرجل أن
كلميه، فهتفت به فقلت: يا رسول الله هلك الولد وغاب الوافد فمن علي من
الله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن وافدك ? قلت: عدي بن
حاتم قال: الذي فر من الله ورسوله ثم مضى ولم يلتفت إلي حتى كان الغد فمر
بي نحو تلك الساعة وخلفه ذلك الرجل فأومأ إلي أن كلميه، فهتفت به فقلت: يا
رسول الله هلك الولد وغاب الوافد فمن علي من الله عليك، قال: ومن وافدك ?
قلت: عدي بن حاتم الطائي، قال: الذي فر من الله ورسوله ? ولم يلتفت إلي،
فلما كان اليوم الثالث نحواً من تلك الساعة مر وخلفه ذاك يعني علياً،
فأومأ أن كلميه فأومأت إليه بيدي أن قد كلمته مرتين فأومأ كلميه أيضاً،
فهتفت به فقلت: يا رسول الله هلك الولد وغاب الوافد فمن علي من الله عليك،
قال: ومن وافدك ? قلت: عدي بن حاتم قال: الذي فر من الله ورسوله ثم قال:
إذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل فإذا وجدت أحداً يأتي أهلك فأخبريني
نحملك إلى أهلك، قالت: فانطلقت فإذا أنا برفقة من تنوخ يحلمون الزيت،
فباعوا زيتهم وهم يرجعون، فحملني على هذا الجمل وزودني.
قال عدي: ثم قالت لي عمتي: أنت رجل أحمق، أنت قد غلبك على شرفك من قومك من
ليس مثلك، ائت هاذ الرجل فخذ بنصيبك، فقلت: وإنه لقد نصحت لي عمتي، فوالله
لو أتيت هذا الرجل فإن رأيت ما يسرني أخذت، وإن رأيت غير ذلك رجعت، وكنت
أضن بديني، فأتيت حتى وصلت المدينة في غير جوار، فانتهيت إلى المسجد فإذا
أنا فيه بحلقة عظيمة، ولم أكن قط في قوم إلا عرفت، فلما إنتهيت إلى الحلقة
سلمت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت ? قلت: أنا عدي بن
حاتم الطائي، وكان أعجب شيء إليه أن يسلم عليه أشراف العرب ورؤوسهم، فوثب
من الحلقة فأخذ بيدي فوجه بي إلى منزله، فبينا هو يمشي معي إذ نادته إمرأة
وغلام معها يا رسول الله إن لنا إليك حاجة، فخلوا به قائماً معهما حتى
أويت له من طول القيام، قلت في نفسي أشهد إنك بريء من ديني ودين النعمان
بن المنذر، وإنك لو كنت ملكاً لم يقم معه صبي وإمرأة طول ما رأى، فقذف
الله في قلبي له حباً، حتى إنتهيت إلى منزله، فألقى إلي وسادة حشوها ليف،
فقعدت عليها، وقعد هو على الأرض فقلت في نفسي: وهذا ثم قال لي: ما أفردك
من المسلمين إلا أنك سمعتهم يقولون لا إله إلا الله ? وهل من إله إلا الله
? وما أفردك من المسلمين ? إلا أنك سمعتهم يقولون الله أكبر فهل تعلم
شيئاً هو أكبر من الله عز وجل ? فلم يزل حتى أسلمت وأذهب الله عز وجل ما
كان في قلبي من حب النصرانية، فسألت فقلت: يا رسول الله أنا بأرض صيد وأن
أحدنا يرمي الصيد بسهمه لم يقتص أثره ليوم أو ليومين ثم يجده ميتاً في
سهمه فيأكله ? قال: نعم إن شاء.
حدثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا عبد الرحمن بن حماد الشعيثي قال ثنا ابن
عون.... عن محمد بن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن رجل كان يسمى أيمن أنه
دخل على عدي بن حاتم فقال: إنه بلغني عنك حديث فأحببت أن أسمعه منك قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت من أشد الناس له كراهية، كنت بأقصى
أرض العرب مما يلي الروم، فكرهت مكاني أشد من كراهتي مكاني الأول، فقلت:
لآتين هذا الرجل، فإن كان صادقاً لا يخفى علي، وإن كان كاذباً لا يخفى
علي: فأتيت المدينة فاستشرفني الناس فقالوا: عدي بن حاتم عدي بن حاتم
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عدي أسلم تسلم، قلت: لي دين قال:
أنا أعلم بدينك منك، وما أنت أعلم بديني مني ألست ترأس قومك ? قال قلت:
بلى، قال: ألست تأخذ المرباع ? قلت: نعم، قال: ذلك لا يحل لك في دينك قال:
وكان ذلك أذهب ببعض ما في نفسي، قال: إنه يمنعك أن تسلم محاسبة من ترى
حولنا وأنك ترى الناس علينا ألباً واحداً ? قلت: نعم، قال: أتيت الحيرة ?
قلت: لا، وقد علمت مكانها قال: توشك الظعينة أن تخرج من الحيرة حتى تطوف
البيت بغير جوار، ويوشك أن تفتح كنوز كسرى بن هرمز قلت: كنوز كسرى بن هرمز
? قال: كنوز كسرى. ويوشك الرجل أن يخرج المال من ماله لا يجد من يقبلها
قال: فقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار، وكنت في
أول خيل أغارت على السواد، والله لتكونن الثالثة لقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم.